يقول صاحب القصه وهو صاحب مطعم فى إحدى المحافظات
كنا في المطعم نستعد لتقديم وجبة العشاء فى إحدى ليالي فصل الخريف .. وبعد تجهيز الطعام هطلت الأمطار بشدة وأظلمت علينا السماء وإنقطعت الكهرباء وبدأ أهل السوق في المغادرة فأشعلنا الفوانيس وإتفقنا على المغادرة بعد هدوء الأحوال وعددنا الطعام الذي صنعناة خسائر إذ لا توجد مبردات كافية والمبردات الموجودة لن تنفع مع إنقطاع الكهرباء
..وفي أثناء إنشغالنا بالحديث رأيت في ظل الفوانيس شيئا يتحرك في الجهة المقابلة للمطعم ..فحملت فانوسا وعصا لظني أنه لص يريد كسر أحد الدكاكين ..إقتربت من السواد وعلى ضوء الفانوس الضعيف رأيت أمرأة معها طفلان في غاية من الضعف والتعب ..فسألتها إن كانت تحتاج إلى شيء من المساعدة ..فقالت أريد طعاما لي ولأولادي ..فقدمت لها أحسن ما عندي من الطعام وأعطيتها بعض المال ..فبكت المرأة بكاء شديدا ..فقلت ما الذي يبكيك ..فقالت ټوفي زوجي وهذا ثالث يوم لا أجد فيه ما يسد جوعتي وجوعة أطفالي
..قلت لها خيرا وتركتها ..فسمعتها تتمتم بكلمات منها ربي يوسع عليك الليلة زي ما وسعت على أولادي ..قلت اللهم آمين .. وإن كنا خسرنا في هذه الليلة فالأمر كله لله والمؤمن لا يقنط من رحمة الله ..كانت الأمطار تهطل والريح تعصف وأنا أستعد لإغلاق المطعم وأحسب الخسائر ..فرفعت رأسي فجأة على صوت حافلة تحمل مسافرين تقف أمام باب المطعم لا أدري من أين جاءت ..نزل سائق الحافلة وسأل عندكم طعامقلت نعمفنزل من الحافلة أكثر من أربعين مسافرا وأشتروا جميع ما لدينا من الطعام وصنعنا لهم طعاما آخر ..وحتى بقايا الخبز الجاف بعناها عليهم مع الشوربة ..وبعد ذهابهم جلست أحسب الأرباح ومعي العمال في عجب من هذا التحول المفاجئ والربح السريع
..قال أحد العمال ماذا فعلت من عمل صالح اليوم!فإنتفضت كالملدوغ وأنا أتذكر دعوة المرأة وهي تقول ربي يوسع عليك الليلة زي ما وسعت على أولادي ..فحمدت الله ثم خرجت تحت المطر أبحث عنها فلم أجدها ..وتذكرت قول النبي صل الله عليه وعلى آله وسلم ما نقص مال من صدقة..ساق الله المطر لتشبع المرأة وصغارها ..وساق الحافلة ليجزي المنفق على إنفاقه ..العبرةهكذا الدنيا يقلبها الله بين عباده ليختبرهم ويبلو أخبارهم وينظر كيف يعملون ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقونإذا أتممت القرائة فلا ترحل قبل أن تحمد الله علي فضله وكرمه وجوده فالحمد لله دائما وأبدا