الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان
إهداء
الى أبى الحبيب الذى علمنى كيف اسطر حروف اسمى
و علمنــى حــب القــراءة،اهــدى روحــك الطاهــرة هــذا العمــل الذى
اتمنــى أن يكــون عمـًا هادفا ً
الــى أمــى الحبيبــة التــى تســعدنى ابتســامتها،انــت الحــب والعطاء
بال حــدود
الــى زوجــى الحبيــب،يــا مــن جعلنــى ملكــة متوجــة،كنــت ســندا ً
الى بناتى فلذة كبدى،انتم النور الذى أضاء حياتى
الى صديقتى الصدوق كنتى دعما ً وسندا لى
الــى عائلتــى واخوتــى:شــكرا لوجودكــم بحياتــى،انتــم فاكهــة
حياتــى
أرض البرونــز،هــى فانتازيــا خياليــة تــدور حــول عالــم يختلــف
بجميــع المقاييــس عــن العالــم الــذى نعيــش فيــه،وتعتبــر رحلــة
مــكان آخــر،فالحيــاة فيــه بســيطة،خاليــة مــن التعقيــدات،تعتبــر
حيــاة مثاليــة،مليئــة بالتفــاؤل والســعادة،ادركت معنــى الحــب
الحقيقــى،الكــره ال يعــرف عنــوان فــى هــذا المــكان،يٌعــرف
الشــىء الجيــد بتحولــه الــى اللــون البرونــزى،معاييــر الوقــت
والقيم،فيهــا عرفــت المعنــى الحقيقــى لكلمــة ســعادة،اليكــم
رحلتــى التــى غيــرت حياتــى مــن رتابــة وملــل الــى حيــاة يتمناهــا
أى إنســان يحيــا فــى عالمنــا هــذا،حيــاة تغمرهــا الســعاده،انهــا
النقطــة الفاصلــة فــى تحــول حياتــى،ودخولــى الى جنــة األرض.
من أنا ؟
مــن يســتطيع االجابــة علــى هــذا الســؤال العميــق؟ لــم يســتطع اكبر الفالســفة
االجابــة علــى هــذا التســاؤل،مــن منــا يعــرف نفســه،أنــا شــخصيا ً ال أعلــم
ـاوز المــكان والزمــان،هــذا كيــف اجيــب،خاصــةً بعــد مــا حــدث لــى،وتجـ ُ
كنــت أعيشــها،لــذا ســأحكى حكايتــى واتحــدث عــن نفســى قليال.قبــل التحول
الكبيــر الــذى حــدث لى،وأضفــى الكثيــر مــن المعانــى الجميلــة التــى لــم أكــن
أدرك يومـا ً وجودهــا،عالــم تعلمــت منــه الحكمــة
بســبب نشــأتى كوريــث امبراطوريــة مــن الشــركات واالمــوال التــى ال تعــد
ـى فــى صغــرى األميــر الصغيــر،تحظــى عائلتــى وال تحصــى،كان يطلــق علـ ّ
بمكانــة مرموقة،ونفــوذ كبيــر،كنــت بالفعــل طفــل مــن المحظوظين،بســبب
الحــب بيــن افــراد العائلــة،كانــت والدتــى امــرأة جميلــة ورقيقــة،بالطبــع
هــى مــن النبــاء،وكان لهــا اســلوب رائــع فــى تعليمــى بهــدوء،و تحــرص
كل الحــرص علــى تربيتــى بنفســها،بالرغــم مــن وجــود مربيــات بالقصــر،
علــى بحنانهــا وحبهــا،
اال أن أمــى ال تتخلــى عــن دورهــا كأم،وأغدقــت
اهتمــت بغــرس القيــم والمبــادىء فــى وجدانى،علمتنــى االســتقامة،والخلق
الرفيــع،كان والــدى أيضـا ً انســان جميــل بــكل مــا تحمــل الكلمــة مــن معانــى،
كان يُعــرف بتواضعــه بالرغــم مــن ظــروف نشــأته التــى جعلتــه
مــن صفــوة المجتمعــات،خلقــه رفيــع،محبـا َ للخيــر،كان والــدى رائــدا ً مــن
رواد الهندســة المعماريــة،وكان يشــتهر بتصميماتــه العالميــة،كان يقــال
عنــه أنــه فــذ فــى تصميماتــه،وبالرغــم مــن ذلــك اال أن والــدى كان يعشــق
الزراعــة أيض ـًا،ومتميــز فيهــا،حيــث قــام بزراعــة حديقــة القصــر،والتــى
جعلهــا والــدى كأفضــل متنــزه،كنــت االحــظ أثنــاء لعبــى بالحديقــة مصوريــن
يلتقطــون صــور للحديقــة،وعلمــت فيمــا بعــد الســر فــى ذلــك،حيــث أدركــت
روعــة تنســيق الحديقــة وزراعتهــا بهــذا الشــكل،حيــث قــام والــدى بزراعــة
أنــواع مختلفــة مــن الزهــور والنباتــات النــادرة،والدتــى أيضـا ً كانــت تعشــق
رائحــة الزهــور،لــذا حــرص والــدى علــى زراعــة الحديقــة وملئهــا بأجمــل
الزهــور العطريــة،ورعايتهــا،بهــدف اســعاد والدتــى،تصميــم الحديقــة فريــد
مــن نوعــه وكانــت أخبــار حديقتنــا أيضـا ً بالصحــف،يتحدثــون عــن النباتــات
النــادرة التــى يزرعهــا والــدى،كانــت أمــى زوجــة محبــة لزوجهــا وتقــوم
بواجبــات الزوجــة علــى الوجــه االكمــل،جميــع شــئون ابــى وشــئونى كانــت
هــى التــى تقــوم بهــا،تعتبــر أمــى أيض ـا ً طباخــة رائعــة حيــث كانــت تعشــق
الطهــى أيضــا ً بنفســها،اســتيقظ كل صبــاح علــى رائحــة فطــور الصبــاح
الشــهى الــذى كانــت تعــده أمــى،كانــت تخبــز الخبــز الطــازج بنفســها،وكانــت
تنســق مائــدة الفطــور كان والــدى فــى الصبــاح يجمــع الزهــور مــن الحديقــة
ويهديهــا ألمــى،وكانــت أمــى تمــأ أركان القصــر بالزهــور الرائعــة،اعــداد
مائــدة الفطــور كانــت مميــز،حيــث كانــت تحــرص أمــى علــى تنســيق الزهــور
ووضعهــا علــى المائــدة،مــا أجمــل الحيــاة فــى ظــل أمــى وأبــى،كــم أشــتاق
لهــم،كلمــة كنــت مــن المحظوظيــن كلمــة قليلــة عــن كل مــا شــعرت بــه فــى
طفولتــى،كان العشــق بيــن أمــى وأبــى يتخطــى حــدود الزمــان والمــكان،فــى
كل ســفريات ابــى يفاجئهــا بالهدايــا الرقيقــة التــى تســعدها،حقــا الســعادة
كانــت ترفــرف علينــا،حق ـا ً كنــت طفــل مميــز ومحظــوظ بأبــى وأمــى،كنــا
نعيــش مــع جــدى وجدتــى،ليــس لــى أخــوة أو أخــوات،كنــت طفــل وحيــد
فــى العائلــة،أبــى أيضــا ً ليــس لــه اخــوة،كان كل االهتمــام ينصــب علــى
مــن قبــل جميــع افــراد عائلتــىَ،كان جــدى يحــرص علــى تعليمــى االلتــزام،
والشــدة بعــض الشــىء،ولكــن أيضـا ً بــكل حــب،تعاليــم جــدى تختلــف كثيرا ً
والدى،تعامــل جــدى مــع ابــى بحــزم شــديد،ولكــن بحــب كبيــر ّ عــن تعليــم
ـى وعلــى والــدى،كان جــدى وكنــت اشــعر دائمــا بحبــه وخوفــه الدائــم علـ ّ
دائم ـا ً يوجــه أبــى ويقــول لــه «أن المــال البــد لــه مــن قــوة تحميــه» كان
يقــول تلــك الكلمــات خوفـا ً علــى ارثنــا،وتعليــم أبــى أن يكــون قــوى لحمايــة
االمــوال وحمايــة هــذا االرث الكبيــر،ولكــن أبــى كان يشــتهر بالطيبــة،لــذا
كان والــدى يعلمنــى أيض ـا ً منــذ صغــرى،وبالرغــم مــن شــدته اال انــه كان
انســان صــادق،صاحــب مبــادىء وقيم،كان يحتــرم الصــدق واالمانة،وكان
يصــف هــو وجدتــى أمــى بأجمــل الصفــات وكانــوا يحبونهــا،جــدى بالطبــع
هــو كبيــر العائلــة،وأوامــرة كانــت مطاعــة،علمــت فيمــا بعــد أن جــدى هــو
مــن قــام بتســميتى حيــن ُولــدت،وســمانى نادراعتقــادا ً منــه ان هــذا اإلســم
ســيضفى علــى شــخصيتى صفــات النــدرة والتميــز،وهــذا أخبرنــى بــه جــدى
حيــن كبــرت،كنــت طفــل يقــال عنــه فــى االمثــال الشــعبية أنــه ُولــد وفــى فمه
ملعقــة مــن الذهــب،حاولــت عائلتــى حمايتــى وابعــادى عــن عالــم الشــهرة
قــدر االمــكان،حيــث كانــت عائلتــى تعانــى مــن هــذا االمردائم ـًا،فأخبارنــا
دائم ـا ً بالصحــف االولــى،لــذا حرصــت عائلتــى علــى توفيــر حيــاة طبيعيــة
لــى،حيــاة كلهــا دفء وحــب اســتمر هــذا الحــال حتــى بلغــت مــن العمــر
عشــر ســنوات،حتــى انتهــت تلــك الســعادة مــن حياتــى نهائيــا ً لــم أكــن
اتخيــل اننــى سأســعد مــرة أخــرى،وانــا بعمــر العشــر ســنوات توفــى والــدى
ووالدتــى اثــر حــادث ســيارة أليــم،كانــت صدمــة عمــرى،وصدمــة جــدى
وجدتــى،لــم تصمــد جدتــى علــى وفــاة ابنهــا الوحيــد،وتوفــت فــى نفــس
االســبوع،لــم أكــن اســتطيع التحمــل،ودخلــت الــى عالــم العزلــة،كرهــت كل
شــىء بالقصــر،كنــت دائــم البــكاء،عشــنا انــا وجــدى معـًا،حاولنــا مســاعدة
بعضنــا البعــض علــى تخطــى االلــم الــذى اصــاب قلوبنــا،ولكــن لــم نتمكــن،
كان كل يــوم يشــبه اآلخــر أصبحنــا نحيــا حيــاة تتســم بالملــل والرتابــة،
فحياتنــا ظاهرهــا يختلــف تمــام االختــاف عــن باطنهــا،فبالرغــم مــن حيــاة
الثــراء والصفــوة،اال اننــا نشــعر بالحــزن الدفيــن .
بالطبــع كل مــا أريــدة مــن أشــياء ماديــة يمكننــى تحقيقــه دون أى جهــد
ـدى وجدتــى أصبحــت مدلــل جــدى،اشــترى لــى طائــرة يذكــر،فبعــد وفــاة والـ ّ
خاصــة الســعادى،كنــت اظهــر لــه اننــى ســعيد بهــا،ولكنــى لــم أكــن ســعيد
بــأى شــىء،افتقــادى لســعادتى افتقــاد كبيــر.
ـى،كنــت أشــفق عليــه فأنــا اعلــم جيــدا ً خوفــه
كان جــدى دائــم الخــوف علـ ّ
مــن الفقــد أنــا ايض ـا ً كنــت أخــاف ان افتقــد جــدى،بــدأ جــدى يعانــى مــن
آالم بالقلــب،وقمــت بعرضــه علــى أكبــر المتخصصيــن فــى هــذا المجــال،
وأخبرنــى الطبيــب المعالــج أن عضلــة القلــب ضعيفــة،ولــن يســتطيع