لمن القرار بقلم سهام صادق

موقع أيام نيوز


انت ياصاحبي.. اللي يشوفك في شغلك يحسدك على دماغك لكن اللي يسمع تفسيرك لمنظور الحياه يحس انك... 
وقبل ان يكمل رسلان كلماته تمتم هو 
 يحس اني عايز دكتور نفساني مش كده 
واتبع كلماته بضحكه صاخبه وسېجارة يدسها بين شفتيه يخفي خلفها جموده ڼارا تحرقه ووالديه يفسران له حياتهم انها حياه طبيعيه فلا بأس أن يكونوا متحررين فكريا كل منهم يبحث عن حريته دون قيود 

................... 
التمعت عيني السيدة إحسان بعدما انهت محادثتها مع أولادها... كانت فتون تجلس على مقربه منها تطالعها بتأثر فقد اشتاقت هي الأخرى لوالديها وأخواتها 
 كان نفسي اقولهم اني مش محتاجه غير وجودهم حواليا في آخر ايامي 
اقتربت منها فتون بلهفة ټحتضنها 
 بعد الشړ عليكي ياماما إحسان 
ابتعدت عنها السيده إحسان وقد اجتذب الكلمه اذنيها 
 الله على كلمة ماما منك يافتون...
جذبتها لاحضانها تعطيها من حنانها الفائض كأم.. وكانت هي أشد احتياجا لتلك المشاعر التي عوضتها عنها السيده إحسان 
 الحياه بقى ليها طعم بوجودك يافتون... بتعوضيني عن غربه ولادي 
مسحت فتون عيناها التي اغشاها الدمع تنظر اليها 
 قوليلهم انك محتاجهم جانبك
ذكريات حملها الحنين لتخرج تنهيدة عميقة من صدرها عبرت عن شوقها لهم 
 حياتهم ومستقبلهم هناك يابنتي.. هيجوا يعملوا ايه جانبي 
 كفايه حضنك عليهم 
اجتذبتها إحسان لحضنها تضمها بشدة تشم فيها رائحة ابنتها 
 انتي ربنا بعتك ليا يافتون عشان تكوني ملاذ وحدتي 
............... 
وقف حسن أمامه ينتظر ان ينهي تدقيقه في تلك الأوراق التي وضعها احد المحامين أمامه ثم انصرف 
رفع سليم عيناه بعدما أغلق الملف ينظر اليه يحاول ان يتذكر لما استدعاه لمكتبه 
 حسن شوفلي واحده تسافر المزرعه مع مدام ألفت...هما يومين وهتاخد أجرتها عليهم بس تكون واثق فيها 
 تنضف يعني يابيه 
اماء سليم برأسه لينصرف حسن من أمامه مفكرا اين سيبحث عن تلك الخادمه التي سيقتصر عملها على مدار يومين
عاد الي منزله مساء تستقبله فتون بأبتسامة مسالمة 
 احضرلك العشا ياحسن 
تعمق النظر فيها وفي هيئتها وعقله يدور هنا وهناك يخبره لما لا تكون هي لتلك المهمة التي سيجني منها المال وتعاونهم على نفقات الحياة وهم يومان لا أكثر 
 اعملي حسابك بعد يومين هتسافري الفيوم
قطبت حاجبيها لا تفهم حديثه فعن اي سفر يتحدث.. فهل سيذهبون لعطلة 
هتفت بما جال بخاطرها وظنته ... ف أخيرا سترى أقاربه 
 هنسافر نزور اهلك ياحسن 
امتقع وجهه من ذكاءها اللامحدود يزفر أنفاسه حانقا من سطحيتها متهكما
 لا هنسافر نتفسح يافتون
اتسعت ابتسامتها وهي لا تصدق ما سمعته ولكن سرعان ما تلاشت معالم فرحتها 
 هتسافري تخدمي في مزرعة البيه !
الفصل الثالث
_ بقلم سهام صادق
عبرت السيارة البوابة الضخمة وسارت على الممر الممهد الطويل.. عيناها كانت عالقة مع كلا الجانبين تتأمل المساحه الشاسعه التي يحتلها المكان.. انها في جنة علي الأرض كما شبهتها
توقفت السيارة بهما فألتفت إليها السيدة ألفت مدبرة المنزل التي أتت برفقتها تحذرها للمره التي لا تعلم عددها
 عينك ديما في الأرض.. مش عايزه اي غلطه مفهوم
ارتجفت اهدابها بتوتر تومئ برأسها
 حاضر
هبطت من السيارة تلسعها برودة الهواء المعنشة لتلف بعينيها تتأمل تفاصيل المكان بدقة رمقتها السيدة ألفت بنظراتها المتربصة لخطواتها فأطرقت عيناها أرضا تتبعها صامتة
................
انقضت الليله الأولى وهاهي تستلقي فوق الفراش علقت عيناها بسقف الغرفه التي تتشارك بها مع السيدة ألفت
جسدها أخذ يأن من الآلم فمنذ وصولهم والسيدة ألفت لا تكف عن امرهم هي والخادمة الأخرى تخبرهم انها تريد ان ترى وجهها في بلاط الارضيات 
اغمضت عيناها تسبح بخيالها في عالمها الوردي.. عالم لا ترى فيه إلا انها بطلة حكايه لا تعلم ماهي حكايتها ولكنها حلمت بعالم اخر جديد تعيش فيه وبيت جميل مثل الذي تبيت فيه ليلتها 
انتفضت مذعورة ولكن سرعان ما تجاوزت فزعها وهي تلتقط هاتفها القديم الذي كان سبب من خروجها من عالمها الوردي
وكما ظنت كان المتصل ومن غيرها سيكون 
 ماما إحسان 
 طمنيني عنك يافتون... مش عارفه انام يابنتي وانا قلقانه عليكي 
اعتدلت فتون في رقدتها تلقي بنظرة خاطفة نحو السيدة ألفت الغافية بعمق 
 انا كويسه متقلقيش عليا .. خلصت شغلي ودلوقتي في الاوضه 
وأخذت تسرد لها أحداث يومها رغم البؤس الذي كل يملئه الا انها كانت لا تراه هكذا.. وهل البسطاء يحلمون بأكثر 
استمعت إليها السيدة إحسان بقلب مفطور علي تلك الصغيره التي جارت عليها الايام بزوج كهذا الذي لا ينتمي للرجال
وكلما تذكرت والدي فتون كانت دون شعور منها تدعي عليهم.. فمدام الحياه معدمه لما ينجبون كثيرا ويجعلون أطفالهم يحرمون من أبسط حقوقهم 
وبقلب ام يؤلمها قلبها على صغيرتها 
 أكلتي يابنتي 
جاء ردها بحمد الله وبرضى 
 الحمدلله... اكلت كتير اوي.. السيد عظيم راجل كريم 
تسألت إحسان بفضول عن هوية ذلك الرجل 
 مين السيد عظيم ده يابنتي 
 السيد عظيم جد البيه اللي بيشتغل عنده حسن 
وعلى ذكر حسن امتعض وجه السيدة إحسان تسبه داخلها بكل النواقص 
 اخدتي دواكي ياماما 
انبسطت ملامح إحسان تستشعر ذلك الحنان الذي تغمرها به
 اه يابنتي متقلقيش عليا... روح نامي وارتاحي عشان شغلك بكره 
ضمت فتون الهاتف بين كفيها تتسأل داخلها ماذا يفعل حسن الآن دونها 
وضعت الهاتف فوق اذنها بعدما ضغطت على زر الاتصال به تنتظر رده حتى انقطع الرنين 
تقلب السيدة ألفت فوق الفراش جعلها تخشي يقظتها وتحذيرها ان لديهم يوم حافل من الأعمال غدا فالجد عظيم يعد وليمة ضخمة كل عام لاقاربه وأهل قريته التي ولد ونشأ فيها
وضعت هاتفها كما كان تحت وسادتها وعادت تتمدد فوق الفراش تستجدي النوم تخبر نفسها ان الغد يوم شاق وعليها نيل قسط من النوم يريح بدنها لتستعد له
.......................... 
وقفت السيدة إحسان قرب الباب تحمل دورق الماء الفارغ وتسترقي السمع لتلك الهمسات الخافته.. اقتربت اكثر من الباب تحاول ان تستبين مصدر الصوت فلم تكن تلك الهمسات الا صوت ضحكات كممها صاحبها 
اتسعت حدقتيها وصوت انثوي يجتذب مسمعها.. لترفع رأسها قليلا نحو الثقب الموجود بالباب تستبين هوية صاحب الصوت وقد حدث ما كانت حداستها تخبرها به حسن يدلف للشقه يلتف حوله بعدما تقدمت أمامه إحدى النساء 
ابتعدت عن الباب تلطم صدرها پصدمه 
 ياعيني عليكي يابنتي.. راميكي تخدمي عند الناس وهو مقضيها هنا وعلي سريرك 
.......................
لم تعبئ بتحذيرات السيدة ألفت الصارمة بل فور ان لمحته واقف بجوار السيارة ينظفها...ركضت نحوه خفية تحمل له طبق مملوء بالطعام قد دسته له عندما علمت بمجيئه اليوم برفقة رب عمله ورغم ما يفعله بها وتذيقه على يديه الا انها ترعرت علي نص واحد في الحياة
 ان تعيش ترتضى الخنوع 
 حسن 
تجمدت يده فوق قطعة القماش المكوره التي يمسح بها زجاج السيارة 
 جبتلك اكل... خبيته ليك انت اكيد جعان 
التف نحوها يلتفت حولها هنا وهناك يزجرها 
 انتي ايه اللي مطلعك من المطبخ.. 
دفعها من أمامه بحركة لما تتنبئها فكادت ان تسقطها أرضا
 هاتي الاكل وامشي روحي شوفي شغلك 
وقفت بملامح شاحبة أمامه فلم يكن هذا هو اللقاء الذي رسمته بمخيلتها ولكن معه كل يوم كانت تودع أحلامها الصغيرة
 ايه هتفضلي واقفه كده كتير.. امشي 
سارت من أمامه وقد ثقلت أنفاسها ترفرف أهدابها مانعة نفسها من ذرف الدموع 
.................... 
عيناه كانت عالقة بالمشهد الذي اجتذبه من شرفته.. لم تتبين له ملامح الفتاه التي كانت تقف قبالة سائقه ولكن عيناه التقطت تفاصيل المشهد بدقة وكأنه يحفره بذاكرته 
اسند مرفقيه فوق سطح الشرفة وعقله شارد في ذكريات بعيدة 
إرتكزت عيناه نحو السيارة التي تعبر البوابة
 

تم نسخ الرابط